Wednesday, July 31, 2013

د. الياس وردة. تطور الانتفاضة في سوريا وآفاق الحل

 
July 31, 2013 at 1:18pm
ترجمة للمقال الذي نشرته في مجلة غولياس 
(Golias) الاسبوعية الفرنسية ،عدد 298 
 
د. الياس ورده، استاذ ـ باحث جامعة باريس

 
 
"لكي نساعد القارئ على فهم النظام وسلوكه وما يجري اليوم في سوريا لا بدّ من إضافة لمحة عنه وعن تاريخه الحافل بالإجرام. لهذا أضفت في آخر المقال "بقعة ضوُء 
 
 
ردا على السلوك الهمجي  للنظام وعلى جرائمه ضد الانسانية التي قامت بها أجهزته الأمنية وشبيحته، في درعا  في منتصف آذ ار ٢٠١١، عمّت المظاهرات السلمية أرجاء سوريا. وكانت الشعارات التي رُفِعَت تنادي بوحدة الشعب السوري وبالتآخي بين كل مكوناته. هذه المره، وبعكس ماحدث في حماه في ١٩٨٢، كسر الشعب السوري حاجز الخوف بالرغم من القمع الوحشي.
حاول النظام، ومنذ اللحظات الأولى، أن يظهر الثورة السورية بأنها "مؤامرة كونيه" تنفّذها مجموعات إرهابية مسلحة لحساب جماعات جهادية واستخدم كل أوراقه  الطائفية منها مرورا بفزاعة المجموعات الجهادية المتطرفة ووصولا إلى المذابح الجماعية ببعدها الطائفي المتعمد.
ومع ذلك لم يستمر تمرد الشعب السوري وحسب بل ازداد زخم هذا التمرد وتحول إلى ثورة عارمة تطالب بالكرامة والحرية وتصرّ على إنهاء الديكتاتورية. 
أمّا على الأرض فالحالة اليوم أصبحت أكثر تعقيدا ومأساوية : 75% من البنية التحتية دُمّرت، معاناة الأهالي أصبحت لا تُحتَمل وبالرغم من غياب تعاطف المجتمع الدولي استمرت المقاومة البطولية للشعب السوري.
أمّا المعارضة الديموقراطية السورية فإنها وبالرغم من مشاكلها تمكنت من التقدم على طريق تنظيم نفسها، حيث وقعت معظم فصائلها وثيقة تَعَهّدت بموجبها ببناء دولة مدنية، تعددية، يَتَمَتع بها كل السوريين بنفس الحقوق والواجبات (وثائق القاهرة في آب ٢٠١٢).
وعلى الصعيد الميداني ورغم النقص الشديد للسلاح، للذخيرة وللعناية الطبية واللوجستية حرّر الثوار أكثر من نصف الأراضي السورية. لكن غياب السلاح الحديث الفعّال والمتطور المضاد للدروع وللطائرات أبطأ تارة تقدم الثوار وتارة أجبرهم على الانسحاب بينما وفي نفس الوقت، بقيت المجموعات الجهادية المتطرفة (من ٥% إلى ١٠% من المقاتلين) تحصل على السلاح، الذخيرة وعلى الدعم اللوجيستي!
إن مواجهة النظام، إضافة إلى نفوذ هذه الجماعات،  يتطلب تقوية الجيش السوري الحر، والذي كلّما تأخّر دعمه كلّما ازدادت صعوبة المعركة ضد النظام وازداد نفوذ الجماعات الجهادية المتطرفة ونسبة الغير سوريين بينهم. إن عدم فعل شيء بهذا الاتجاه (أي عدم دعم الجيش الحر) يعني زجّ السوريين في أحضان التطرّف والإرهاب، علما أن الغالبية العظمى من الشعب السوري تعادي الجهاديين المتطرفين وخاصة الأجانب منهم. فمثلا جرت في أوائل تموز الجاري، مظاهرات ضدهم في ريف إدلب، وأطلق هؤلاء النار على المتظاهرين وأصيب خمسة عشر شخصا بين قتيل وجريح. هذه الأحداث التي تكررت والتي لم يتحدث بها الإعلام كفاية تبيّن وبشكل قوي أن الإسلام الراديكالي لا مكان له في سوريا. 

ماهي آفاق الحل في صيف ٢٠١٣؟

من السهل أن نفهم أن شعبا عانى من جلاديه خلال ٤٣ عاما وخاصة في السَنتين الأخيرتين لن يتخلى عن حقوقه الأساسية. المعارضة الوطنية السورية يمكنها أن تفاوض على رحيل النظام، ولكن لا يمكنها القبول بذلك قبل أن يقوم النظام بوقف العنف، سحب القوى الأجنبية وتفكيك أجهزته الأمنية، حرية الحركة للسوريين وتنظيم انتخابات نزيهة تحت رقابة دولية وفي ظل حكومة انتقالية تضم شخصيات من المعارضة الوطنية وشخصيات من النظام مِمّن لم يشاركوا في القتل والمجازر ضد الشعب السوري أو في الفساد المنظم. ولكن ذلك يتطلب مسبقا تحقيق توازن للقوى على الأرض حتى تصبح الثورة في وضع مناسب يسمح لممثليها بالذهاب إلى مفاوضات محتملة في جنيف.
إن الأسابيع القادمة ستكون حاسمة. والنظام وحلفائه يعملون كل مابوسعهم من قوة ليضمنوا سيطرتهم على الأرض، ومن لا يعلم، بأنه لولا الدعم  الضخم من إيران، روسيا وحزب الله التابع لإيران لكان النظام  السوري قد سقط.  لذا فإن المسؤولية التاريخية التي تقع على عاتق أصدقاء سوريا، لمساعدة المعارضة الديمقراطية من أجل الحفاظ على الأمل في تحقيق السلام في سوريا ديمقراطية وعلمانية تحترم حقوق الإنسان. هكذا اختيار يجب أن يتم دون تأخير ويترتب علينا اليوم أن نقوم بالضغط اللازم على حكوماتنا لتحقيق ذلك. ولنذكر "أصدقاؤنا خاصة" بمقولة مارتين لوثر كينغ : "مانتذكره ليس كلام أعداءَنا وإنما صمت أصدقاؤنا" ولنعلم أن فقدان الأمل يولد التطرف والفوضى. 
على الاتحاد الأوروبي أن يتذكر بأنه يمكن للسوريين رؤية حدوده (قبرص) من شواطئهم في الأيام المشمسة، ومن أوروبا يأمل السوريون الكثير. إن سوريا، مهد الديانة المسيحية، أرض تسامح لا يمكن أن تغرق في الفوضى  والرعب واليأس. على  هذا يتوقف السلام وضمان ومصداقيتنا تجاه القيم التي نؤمن بها.

____________________________________________________________________________________________________

بقعة ضوُء 

النظام السوري هو نظام ديكتاتوري، قاتل، عائلي وخاصة مافيوي. يدعي النظام بتطبيقه العدالة الاجتماعية، وبأنه مقاوم للإمريالية، وبدفاعه عن القضية الفلسطينية. واقع الأمر أن هذا النظام وضع يده على الدولة ومؤسَساتها وخاصة : الجيش والأجهزه الأمنية، الاقتصادية والمالية، التعليمية والدينية وذلك لضمان سلطته واستمراريتها. 
استخدم النظام  الطائفة العلويه كقاعدة لنظامه وصوّر لبقية الطوائف "الأقلية" والمسيحية منها خصوصا، بأنه حام لها وضامن لوجودها (ولا ندري ما هو الخطر الذي يهددها؟)، عدا عن استمراره بالادعاء بالعلمانية تجاه الدول الأجنبية وشعوبها وخاصة الغربية منها.
استخدم النظام الرعب منه كمؤسَسة ووسيلة له. أظهر بربريته في حماه ١٩٨٢ حيث محى تماما أحياء بكاملها في المدينة المناضلة حيث استشهد مابين عشره آلف إلى أربعين ألفا من أبنائها، عداك عن آلاف الاغتصابات والمختفين إضافة نهب الممتلكات.
هذا الإرهاب البربري ضمن للنظام استمراريته خلال مايزيد على أربعين عاما، أي حتى آذار ٢٠١١. الحياه النقابية، السياسية وكل شكل من أشكال الحياة الجمعية (جمعيات مدنية) كانت محظورة أو تحت قبضته.
 أما الفساد فقد بناه واستخدمه ليس فقط  كنظام للإثراء الفاحش والمافيوي بل أيضا ليحكم قبضته حتى على خدمه ومرتزقيه وأعوانه، تارة باسم حملات "اليد النظيفة" التي كان يطلقها من حين إلى آخر لتلميع سمعته  وتارة للتخلص من بعض أعوانه (من خارج عائلته) بإظهار ملفاتهم بقيامهم بالفساد والإساءة للاقتصاد الوطني وأمن الوطن! ناهيك عن حوادث التصفية المباشرة لبعض أعوانه والإدعاء بأنهم انتحروا


Editor: Rev.Spyridon Tanous
Orthodox Patristic Church- Sweden
Ἐκκλησία τῶν Γ.Ο.Χ
www.christ-prayer.org